ا تــــــفــــــســــــيــــر الــــمــــائـــدة
لْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { الْيَوْم أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ وَطَعَامكُمْ حِلّ لَهُمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { الْيَوْم أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات } الْيَوْم أُحِلَّ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْحَلَال مِنْ الذَّبَائِح وَالْمَطَاعِم , دُون الْخَبَائِث مِنْهَا . قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } وَذَبَائِح أَهْل الْكِتَاب مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى , وَهُمْ الَّذِينَ أُوتُوا التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , وَأُنْزِلَ عَلَيْهِمْ , فَدَانُوا بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا { حِلّ لَكُمْ } يَقُول : حَلَال لَكُمْ أَكْله دُون ذَبَائِح سَائِر أَهْل الشِّرْك الَّذِينَ لَا كِتَاب لَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَب وَعَبَدَة الْأَوْثَان وَالْأَصْنَام , فَإِنَّ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ مِمَّنْ أَقَرَّ بِتَوْحِيدِ اللَّه عَزَّ ذِكْره وَدَانَ دِين أَهْل الْكِتَاب , فَحَرَام عَلَيْكُمْ ذَبَائِحهمْ . ثُمَّ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ عَنَى اللَّه عَزَّ ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } مِنْ أَهْل الْكِتَاب , فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى اللَّه بِذَلِكَ ذَبِيحَة كُلّ كِتَابِيّ مِمَّنْ أَنْزَلَ عَلَيْهِ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , أَوْ مِمَّنْ دَخَلَ فِي مِلَّتهمْ فَدَانَ دِينهمْ وَحَرَّمَ مَا حَرَّمُوا وَحَلَّلَ مَا حَلَّلُوا مِنْهُمْ وَمِنْ غَيْرهمْ مِنْ سَائِر أَجْنَاس الْأُمَم . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8804 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد الْمَلِك بْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا خُصَيْف , قَالَهُ : ثنا عِكْرِمَة , قَالَ : سُئِلَ اِبْن عَبَّاس عَنْ ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , فَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَة : { يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود } إِلَى قَوْله : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } الْآيَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ عَاصِم الْأَحْوَل , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , مِثْله . 8805 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن عَثْمَة , قَالَ : ثنا سَعِيد بْن بِشْر , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن وَعِكْرِمَة : أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا بِذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب وَبِتَزَوُّجِ نِسَائِهِمْ , وَيَتْلُوَانِ : { وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } . 8806 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب : أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا بِذَبِيحَةِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِب . 8807 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ أَبِي حُصَيْن , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , وَقَرَأَ : { وَمَا كَانَ رَبّك نَسِيًّا } . 8808 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن جُرَيْج , قَالَ . ثني اِبْن شِهَاب عَنْ ذَبِيحَة نَصَارَى الْعَرَب , قَالَ : تُؤْكَل مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ فِي الدِّين أَهْل كِتَاب , وَيَذْكُرُونَ اِسْم اللَّه . 8809 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار وَابْن الْمُثَنَّى , قَالَا : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا اِبْن جُرَيْج : قَالَ : قَالَ عَطَاء : إِنَّمَا يَقْرَءُونَ ذَلِكَ الْكِتَاب . 8810 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , قَالَ : ثنا شُعْبَة , قَالَ : سَأَلْت الْحَكَم وَحَمَّادًا وَقَتَادَة عَنْ ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , فَقَالُوا : لَا بَأْس بِهَا . قَالَ : وَقَرَأَ الْحَكَم : { وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَاب إِلَّا أَمَانِيَّ } . 8811 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْحَجَّاج , قَالَ : ثنا حَمَّاد , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ عِكْرِمَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : كُلُوا مِنْ ذَبَائِح بَنِي تَغْلِب , وَتَزَوَّجُوا مِنْ نِسَائِهِمْ , فَإِنَّ اللَّه قَالَ فِي كِتَابه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضهمْ أَوْلِيَاء بَعْض وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ } فَلَوْ لَمْ يَكُونُوا مِنْهُمْ إِلَّا بِالْوِلَايَةِ لَكَانُوا مِنْهُمْ . 8812 - حَدَّثَنِي يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ اِبْن أَبِي عَرُوبَة , عَنْ قَتَادَة : أَنَّ الْحَسَن كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا بِذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , وَكَانَ يَقُول : اِنْتَحِلُوا دِينًا فَذَاكَ دِينهمْ . وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا عَنَى بِالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب فِي هَذِهِ الْآيَة , الَّذِينَ أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل , مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل وَأَبْنَائِهِمْ , فَأَمَّا مَنْ كَانَ دَخِيلًا فِيهِمْ مِنْ سَائِر الْأُمَم مِمَّنْ دَانَ بِدِينِهِمْ وَهُمْ مِنْ غَيْر بَنِي إِسْرَائِيل , فَلَمْ يُعْنَ بِهَذِهِ الْآيَة وَلَيْسَ هُوَ مِمَّنْ يَحِلّ أَكْل ذَبَائِحه ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ أُوتِيَ الْكِتَاب مِنْ قَبْل الْمُسْلِمِينَ . وَهَذَا قَوْل كَانَ مُحَمَّد بْن إِدْرِيس الشَّافِعِيّ يَقُولهُ - حَدَّثَنَا بِذَلِكَ عَنْهُ الرَّبِيع - وَيَتَأَوَّل فِي ذَلِكَ قَوْل مَنْ كَرِهَ ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ . ذِكْر مَنْ حَرَّمَ ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب : 8813 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ أَيُّوب , عَنْ مُحَمَّد , عَنْ عُبَيْدَة قَالَ : قَالَ عَلِيّ رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ : لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَتَمَسَّكُونَ مِنْ النَّصْرَانِيَّة بِشُرْبِ الْخَمْر . * - حَدَّثَنَا يَعْقُوب , قَالَ : ثنا هُشَيْم , قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَام , عَنْ اِبْن سِيرِينَ , عَنْ عَبِيدَة , عَنْ عَلِيّ , قَالَ : لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا بِشَيْءٍ مِنْ النَّصْرَانِيَّة إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْر . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن عَرَفَة , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن بَكْر , قَالَ : ثنا هِشَام , عَنْ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ , عَنْ عَبِيدَة , قَالَ : سَأَلْت عَلِيًّا عَنْ ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب , فَقَالَ : لَا تُؤْكَل ذَبَائِحهمْ , فَإِنَّهُمْ لَمْ يَتَعَلَّقُوا مِنْ دِينهمْ إِلَّا بِشُرْبِ الْخَمْر . 8814 - حَدَّثَنِي عَلِيّ بْن سَعِيد الْكِنْدِيّ , قَالَ : ثنا عَلِيّ بْن عَابِس , عَنْ عَطَاء بْن السَّائِب , عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيّ , قَالَ : نَهَانَا عَلِيّ عَنْ ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب . 8815 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ أَبِي حَمْزَة الْقَصَّاب , قَالَ : سَمِعْت مُحَمَّد بْن عَلِيّ يُحَدِّث عَنْ عَلِيّ : أَنَّهُ كَانَ يَكْرَه ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب . 8816 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : لَا تَأْكُلُوا ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَب وَذَبَائِح نَصَارَى أَرْمِينِيَّة . وَهَذِهِ الْأَخْبَار عَنْ عَلِيّ رِضْوَان اللَّه عَلَيْهِ , إِنَّمَا تَدُلّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنْ ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَيْسُوا عَلَى النَّصْرَانِيَّة , لِتَرْكِهِمْ تَحْلِيل مَا تُحَلِّل النَّصَارَى وَتَحْرِيم مَا تُحَرِّم غَيْر الْخَمْر . وَمَنْ كَانَ مُنْتَحِلًا مِلَّة هُوَ غَيْر مُتَمَسِّك مِنْهَا بِشَيْءٍ , فَهُوَ إِلَى الْبَرَاءَة مِنْهَا أَقْرَب إِلَى اللَّحَاق بِهَا وَبِأَهْلِهَا , فَلِذَلِكَ نَهَى عَلِيٌّ عَنْ أَكْل ذَبَائِح نَصَارَى بَنِي تَغْلِب , لَا مِنْ أَجْل أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل . فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , وَكَانَ إِجْمَاعًا مِنْ الْحُجَّة إِحْلَال ذَبِيحَة كُلّ نَصْرَانِيّ وَيَهُودِيّ , إِنْ اِنْتَحَلَ دِين النَّصَارَى أَوْ الْيَهُود , فَأَحَلَّ مَا أَحَلُّوا , وَحَرَّمَ مَا حَرَّمُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل كَانَ أَوْ مِنْ غَيْرهمْ , فَبَيَّنَ خَطَأ مَا قَالَ الشَّافِعِيّ فِي ذَلِكَ وَتَأْوِيله الَّذِي تَأَوَّلَهُ فِي قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } أَنَّهُ ذَبَائِح الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل , وَصَوَاب مَا خَالَفَ تَأْوِيله ذَلِكَ , وَقَوْل مَنْ قَالَ : إِنَّ كُلّ يَهُودِيّ وَنَصْرَانِيّ فَحَلَال ذَبِيحَته مِنْ أَيّ أَجْنَاس بَنِي آدَم كَانَ . وَأَمَّا الطَّعَام الَّذِي قَالَ اللَّه : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } فَإِنَّهُ الذَّبَائِح . وَبِمِثْلِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8817 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } قَالَ : الذَّبَائِح . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } قَالَ : ذَبَائِحهمْ . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم وَقَبِيصَة , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا إِسْحَاق بْن سُلَيْمَان الرَّازِيّ , عَنْ أَبِي سِنَان , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , عَنْ عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } قَالَ : ذَبِيحَة أَهْل الْكِتَاب . 8818 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا هُشَيْم , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم فِي قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } قَالَ : ذَبَائِحهمْ . * - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان عَنْ الْمُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , بِمِثْلِهِ . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . * - حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيّ , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم , مِثْله . - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو نُعَيْم وَقَبِيصَة , قَالَا : ثنا سُفْيَان , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ إِبْرَاهِيم مِثْله . 8819 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه بْن صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ بْن أَبِي طَلْحَة , عَنْ اِبْن عَبَّاس : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } قَالَ : ذَبَائِحهمْ . 8820 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا الْمُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثنا خَالِد , عَنْ يُونُس , عَنْ الْحَسَن , مِثْله . 8821 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } أَيْ ذَبَائِحهمْ . 8822 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن الْمُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } أَمَّا طَعَامهمْ فَهُوَ الذَّبَائِح . 8823 - حُدِّثْنَا عَنْ الْحُسَيْن , قَالَ : سَمِعْت أَبَا مُعَاذ يَقُول : ثنا عُبَيْد , قَالَ : سَمِعْت الضَّحَّاك يَقُول فِي قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } قَالَ : أَحَلَّ اللَّه لَنَا طَعَامهمْ وَنِسَاءَهُمْ . 8824 - حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد , قَالَ : ثني أَبِي , قَالَ : ثني عَمِّي , قَالَ : ثني أَبِي , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ اِبْن عَبَّاس أَمَّا قَوْله : { وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ } فَإِنَّهُ أَحَلَّ لَنَا طَعَامهمْ وَنِسَاءَهُمْ . 8825 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : سَأَلْته - يَعْنِي اِبْن يَزِيد - عَمَّا ذُبِحَ لِلْكَنَائِسِ وَسُمِّيَ عَلَيْهَا فَقَالَ : أَحَلَّ اللَّه لَنَا طَعَام أَهْل الْكِتَاب , وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهُ شَيْئًا . 8826 - حَدَّثَنِي يُونُس , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّة حُدَيْر بْن كُرَيْب , عَنْ أَبِي الْأَسْوَد , عَنْ عُمَيْر بْن الْأَسْوَد : أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاء عَنْ كَبْش ذُبِحَ لِكَنِيسَةٍ يُقَال لَهَا جِرْجِس أَهْدَوْهُ لَهَا , أَنَأْكُلُ مِنْهُ ؟ فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاء : اللَّهُمَّ عَفْوًا ! إِنَّهُمْ هُمْ أَهْل كِتَاب , طَعَامهمْ حِلّ لَنَا وَطَعَامنَا حِلّ لَهُمْ . وَأَمَرَهُ بِأَكْلِهِ . وَأَمَّا قَوْله { وَطَعَامكُمْ حِلّ لَهُمْ } فَإِنَّهُ يَعْنِي : ذَبَائِحكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ حِلّ لِأَهْلِ الْكِتَاب .
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات } أُحِلَّ لَكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ الْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَهُنَّ الْحَرَائِر مِنْهُنَّ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ . { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } يَعْنِي : وَالْحَرَائِر مِنْ الَّذِينَ أُعْطُوا الْكِتَاب , وَهُمْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى الَّذِينَ دَانُوا بِمَا فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل مِنْ قَبْلكُمْ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْعَرَب وَسَائِر النَّاس , أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ أَيْضًا . وَاخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي الْمُحْصَنَات اللَّاتِي عَنَاهُنَّ اللَّه عَزَّ ذِكْره بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } فَقَالَ بَعْضهمْ : عَنَى بِذَلِكَ الْحَرَائِر خَاصَّة , فَاجِرَة كَانَتْ أَوْ عَفِيفَة . وَأَجَازَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة نِكَاح الْحُرَّة مُؤْمِنَة كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّة مِنْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْ أَيّ أَجْنَاس كَانَتْ , بَعْد أَنْ تَكُون كِتَابِيَّة فَاجِرَة كَانَتْ أَوْ عَفِيفَة , وَحَرَّمُوا إِمَاء أَهْل الْكِتَاب أَنْ نَتَزَوَّجهُنَّ بِكُلِّ حَال ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ شَرَطَ مَنْ نِكَاح الْإِمَاء الْإِيمَان بِقَوْلِهِ : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8827 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } قَالَ : مِنْ الْحَرَائِر . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : مِنْ الْحَرَائِر . 8828 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الرَّحْمَن , قَالَ : ثنا سُفْيَان , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب : أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ اِمْرَأَته وَخُطِبَتْ إِلَيْهِ أُخْته , وَكَانَتْ قَدْ أَحْدَثَتْ , فَأَتَى عُمَر فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ مِنْهَا , فَقَالَ عُمَر : مَا رَأَيْت مِنْهَا ؟ قَالَ : مَا رَأَيْت مِنْهَا إِلَّا خَيْرًا ! فَقَالَ : زَوِّجْهَا وَلَا تُخْبِر . 8829 - حَدَّثَنَا اِبْن أَبِي الشَّوَارِب , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَاحِد , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان الشَّيْبَانِيّ , قَالَ : ثنا عَامِر , قَالَ : زَنَتْ اِمْرَأَة مِنْ هَمْدَان , قَالَ : فَجَلَدَهَا مُصَدِّق رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدّ , ثُمَّ تَابَتْ . فَأَتَوْا عُمَر , فَقَالُوا : نُزَوِّجهَا وَبِئْسَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرهَا ! قَالَ عُمَر : لَئِنْ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ ذَكَرْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَأُعَاقِبَنَّكُمْ عُقُوبَة شَدِيدَة . 8830 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ قَيْس بْن مُسْلِم , عَنْ طَارِق بْن شِهَاب : أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّج أُخْته , فَقَالَتْ : إِنِّي أَخْشَى أَنْ أَفْضَح أَبِي , فَقَدْ بَغَيْت . فَأَتَى عُمَر فَقَالَ : أَلَيْسَ قَدْ تَابَتْ ؟ قَالَ : بَلَى : قَالَ : فَزَوِّجْهَا . 8831 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو دَاوُد , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد , عَنْ الشَّعْبِيّ : أَنَّ نُبَيْشَة اِمْرَأَة مِنْ هَمْدَان بَغَتْ , فَأَرَادَتْ أَنْ تَذْبَح نَفْسهَا , قَالَ : فَأَدْرَكُوهَا فَدَاوَوْهَا فَبَرِئَتْ , فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِعُمَر , فَقَالَ : اِنْكِحُوهَا نِكَاح الْعَفِيفَة الْمُسْلِمَة . 8832 - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْوَهَّاب , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر : أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل الْيَمَن أَصَابَتْ أُخْته فَاحِشَة , فَأَمَرَّتْ الشَّفْرَة عَلَى أَوْدَاجهَا , فَأُدْرِكَتْ , فَدُووِيَ جُرْحهَا حَتَّى بَرِئَتْ . ثُمَّ إِنَّ عَمّهَا اِنْتَقَلَ بِأَهْلِهِ حَتَّى قَدِمَ الْمَدِينَة , فَقَرَأَتْ الْقُرْآن وَنَسَكَتْ , حَتَّى كَانَتْ مِنْ أَنْسَك نِسَائِهِمْ . فَخُطِبَتْ إِلَى عَمّهَا , وَكَانَ يَكْرَه أَنْ يُدَلِّسهَا , وَيَكْرَه أَنْ يُفْشِي عَلَى اِبْنَة أَخِيهِ , فَأَتَى عُمَر , فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ , فَقَالَ عُمَر : لَوْ أَفْشَيْت عَلَيْهَا لَعَاقَبْتُك , إِذَا أَتَاك رَجُل صَالِح تَرْضَاهُ فَزَوِّجْهَا إِيَّاهُ . * - حَدَّثَنَا اِبْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا دَاوُد , عَنْ عَامِر : أَنَّ جَارِيَة بِالْيَمَنِ يُقَال لَهَا نُبَيْشَة , أَصَابَتْ فَاحِشَة , فَذَكَرَ نَحْوه . 8833 - حَدَّثَنَا تَمِيم بْن الْمُنْتَصِر , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيل عَنْ عَامِر , قَالَ : أَتَى رَجُل عُمَر فَقَالَ : إِنَّ اِبْنَة لِي كَانَتْ وُئِدَتْ فِي الْجَاهِلِيَّة , فَاسْتَخْرَجْتهَا قَبْل أَنْ تَمُوت , فَأَدْرَكَتْ الْإِسْلَام , فَلَمَّا أَسْلَمَتْ أَصَابَتْ حَدًّا مِنْ حُدُود اللَّه , فَعَمَدَتْ إِلَى الشَّفْرَة لِتَذْبَح بِهَا نَفْسهَا , فَأَدْرَكْتهَا وَقَدْ قَطَعَتْ بَعْض أَوْدَاجهَا , فَدَاوَيْتهَا حَتَّى بَرِئَتْ , ثُمَّ إِنَّهَا أَقْبَلَتْ بِتَوْبَةٍ حَسَنَة , فَهِيَ تُخْطَب إِلَيَّ يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , فَأُخْبِرَ مِنْ شَأْنهَا بِاَلَّذِي كَانَ ؟ فَقَالَ عُمَر : أَتُخْبِرُ بِشَأْنِهَا ؟ تَعْمَد إِلَى مَا سَتَرَهُ اللَّه فَتُبْدِيه وَاللَّه لَئِنْ أَخْبَرْت بِشَأْنِهَا أَحَدًا مِنْ النَّاس , لَأَجْعَلَنَّك نَكَالًا لِأَهْلِ الْأَمْصَار بَلْ أَنْكِحْهَا بِنِكَاحِ الْعَفِيفَة الْمُسْلِمَة . * - حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن مَنِيع , قَالَ : ثنا مَرْوَان , عَنْ إِسْمَاعِيل , عَنْ الشَّعْبِيّ , قَالَ : جَاءَ رَجُل إِلَى عُمَر . فَذَكَرَ نَحْوه . 8834 - حَدَّثَنَا مُجَاهِد , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْن سَعِيد , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر : أَنَّ رَجُلًا خَطَبَ مِنْ رَجُل أُخْته , فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا قَدْ أَحْدَثَتْ . فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَر بْن الْخَطَّاب , فَضَرَبَ الرَّجُل , وَقَالَ : مَا لَك وَالْخَبَر ؟ أَنْكِحْ وَاسْكُتْ ! 8835 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا سُلَيْمَان بْن حَرْب , قَالَ : ثنا أَبُو هِلَال , عَنْ قَتَادَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : قَالَ عُمَر بْن الْخَطَّاب : لَقَدْ هَمَمْت أَنْ لَا أَدَع أَحَدًا أَصَابَ فَاحِشَة فِي الْإِسْلَام أَنْ يَتَزَوَّج مُحْصَنَة . فَقَالَ لَهُ أُبَيّ بْن كَعْب : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , الشِّرْك أَعْظَم مِنْ ذَلِكَ , وَقَدْ يُقْبَل مِنْهُ إِذَا تَابَ ! وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّمَا عَنَى اللَّه بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } الْعَفَائِف مِنْ الْفَرِيقَيْنِ , إِمَاء كُنَّ أَوْ حَرَائِر . فَأَجَازَ قَائِلُو هَذِهِ الْمَقَالَة نِكَاح إِمَاء أَهْل الْكِتَاب الدَّائِنَات دِينهمْ بِهَذِهِ الْآيَة , وَحَرَّمُوا الْبَغَايَا مِنْ الْمُؤْمِنَات وَأَهْل الْكِتَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8836 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ ثنا اِبْن إِدْرِيس , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : الْعَفَائِف . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ لَيْث , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 8837 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , وَابْن وَكِيع , قَالَا : ثنا جَرِير عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَامِر : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : إِحْصَان الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة : أَنْ لَا تَزْنِي وَأَنْ تَغْتَسِل مِنْ الْجَنَابَة . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا اِبْن فُضَيْل , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ عَامِر : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : إِحْصَان الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة : أَنْ تَغْتَسِل مِنْ الْجَنَابَة , وَأَنْ تُحْصِن فَرْجهَا . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ رَجُل , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : إِحْصَان الْيَهُودِيَّة وَالنَّصْرَانِيَّة : أَنْ لَا تَزْنِي , وَأَنْ تَغْتَسِل مِنْ الْجَنَابَة . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى قَالَ : ثنا عَمْرو بْن عَوْن , قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْم , عَنْ مُطَرِّف , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : إِحْصَانهَا أَنْ تَغْتَسِل مِنْ الْجَنَابَة , وَأَنْ تُحْصِن فَرْجهَا مِنْ الزِّنَا . * - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُعَلَّى بْن أَسَد , قَالَ : ثنا خَالِد , قَالَ : أَخْبَرَنَا مُطَرِّف عَنْ عَامِر , بِنَحْوِهِ . 8838 - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , قَالَ : سَمِعْت سُفْيَان يَقُول فِي قَوْله : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } قَالَ : الْعَفَائِف . 8839 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْحُسَيْن , قَالَ : ثنا أَحْمَد بْن مُفَضَّل , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } قَالَ : أَمَّا الْمُحْصَنَات : فَهُنَّ الْعَفَائِف . 8840 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا عَبْد الْأَعْلَى , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة : أَنَّ اِمْرَأَة اِتَّخَذَتْ مَمْلُوكهَا وَقَالَتْ : تَأَوَّلْت كِتَاب اللَّه : { وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } قَالَ : فَأُتِيَ بِهَا عُمَر بْن الْخَطَّاب , فَقَالَ لَهُ نَاس مِنْ أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : تَأَوَّلَتْ آيَة مِنْ كِتَاب اللَّه عَلَى غَيْر وَجْههَا . قَالَ : فَقَرَّبَ الْعَبْد وَجَزَّ رَأْسه , وَقَالَ : أَنْت بَعْده حَرَام عَلَى كُلّ مُسْلِم . 8841 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن جَعْفَر , قَالَ : ثنا شُعْبَة , عَنْ مَنْصُور , عَنْ إِبْرَاهِيم : أَنَّهُ قَالَ فِي الَّتِي تُسَرَّى قَبْل أَنْ يُدْخَل بِهَا , قَالَ : لَيْسَ لَهَا صَدَاق وَيُفَرَّق بَيْنهمَا . 8842 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا أَشْعَث , عَنْ الشَّعْبِيّ فِي الْبِكْر تَهْجُر , قَالَ : تُضْرَب مِائَة سَوْط , وَتُنْفَى سَنَة , وَتَرُدّ عَلَى زَوْجهَا مَا أَخَذَتْ مِنْهُ . 8843 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : ثنا أَشْعَث , عَنْ أَبِي الزُّبَيْر , عَنْ جَابِر , مِثْل ذَلِكَ . 8844 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا اِبْن إِدْرِيس , قَالَ : أَخْبَرَنَا أَشْعَث , عَنْ الْحَسَن , مِثْل ذَلِكَ . 8845 - حَدَّثَنَا يَعْقُوب بْن إِبْرَاهِيم , قَالَ : ثنا اِبْن عُلَيَّة , عَنْ يُونُس أَنَّ الْحَسَن كَانَ يَقُول : إِذَا رَأَى الرَّجُل مِنْ اِمْرَأَته فَاحِشَة فَاسْتَيْقَنَ فَإِنَّهُ لَا يُمْسِكهَا . 8846 - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا جَرِير , عَنْ مُغِيرَة , عَنْ أَبِي مَيْسَرَة , قَالَ : . مَمْلُوكَات أَهْل الْكِتَاب بِمَنْزِلَةِ حَرَائِرهمْ . ثُمَّ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي حُكْم قَوْله عَزَّ ذِكْره : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } أَعَامّ أَمْ خَاصّ ؟ فَقَالَ بَعْضهمْ : هُوَ عَامّ فِي الْعَفَائِف مِنْهُنَّ ; لِأَنَّ الْمُحْصَنَات الْعَفَائِف , وَلِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَزَوَّج كُلّ حُرَّة وَأَمَة كِتَابِيَّة حَرْبِيَّة كَانَتْ أَوْ ذِمِّيَّة . وَاعْتَلُّوا فِي ذَلِكَ بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } وَأَنَّ الْمَعْنِيّ بِهِنَّ الْعَفَائِف كَائِنَة مَنْ كَانَتْ مِنْهُنَّ . وَهَذَا قَوْل مَنْ قَالَ : عُنِيَ بِالْمُحْصَنَاتِ فِي هَذَا الْمَوْضِع : الْعَفَائِف . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ اللَّوَاتِي عَنَى بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } الْحَرَائِر مِنْهُنَّ , وَالْآيَة عَامَّة فِي جَمِيعهنَّ , فَنِكَاح جَمِيع الْحَرَائِر الْيَهُود وَالنَّصَارَى جَائِز , حَرْبِيَّات كُنَّ أَوْ ذِمِّيَّات , مِنْ أَيّ أَجْنَاس الْيَهُود وَالنَّصَارَى كُنَّ وَهَذَا قَوْل جَمَاعَة مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8847 - حَدَّثَنَا اِبْن بَشَّار , قَالَ : ثنا اِبْن أَبِي عَدِيّ , عَنْ سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَالْحَسَن : أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَرَيَانِ بَأْسًا بِنِكَاحِ نِسَاء الْيَهُود وَالنَّصَارَى , وَقَالَا : أَحَلَّهُ اللَّه عَلَى عِلْم . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ : بَلْ عَنَى بِذَلِكَ : نِكَاح بَنِي إِسْرَائِيل الْكِتَابِيَّات مِنْهُنَّ خَاصَّة دُون سَائِر أَجْنَاس الْأُمَم الَّذِينَ دَانُوا بِالْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّة . وَذَلِكَ قَوْل الشَّافِعِيّ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ مَعْنِيّ بِهِ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب الَّذِينَ لَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ذِمَّة وَعَهْد , فَأَمَّا أَهْل الْحَرْب فَإِنَّ نِسَاءَهُمْ حَرَام عَلَى الْمُسْلِمِينَ . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8848 - حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب , قَالَ : ثنا مُحَمَّد بْن عُقْبَة , قَالَ : ثنا الْفَزَارِيّ , عَنْ سُفْيَان بْن حُسَيْن , عَنْ الْحَكَم , عَنْ مِقْسَم , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَالَ : مِنْ نِسَاء أَهْل الْكِتَاب مَنْ يَحِلّ لَنَا , وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَحِلّ لَنَا , ثُمَّ قَرَأَ : { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّه وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِر وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّه وَرَسُوله وَلَا يَدِينُونَ دِين الْحَقّ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَة } فَمَنْ أَعْطَى الْجِزْيَة حَلَّ لَنَا نِسَاؤُهُ , وَمَنْ لَمْ يُعْطَ الْجِزْيَة لَمْ يَحِلّ لَنَا نِسَاؤُهُ . قَالَ الْحَكَم : فَذَكَرْت ذَلِكَ لِإِبْرَاهِيم فَأَعْجَبَهُ . وَأَوْلَى الْأَقْوَال فِي ذَلِكَ عِنْدنَا بِالصَّوَابِ قَوْل مَنْ قَالَ : عَنَى بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } حَرَائِر الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْل الْكِتَاب ; لِأَنَّ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ يَأْذَن بِنِكَاحِ الْإِمَاء الْأَحْرَار فِي الْحَال الَّتِي أَبَاحَهُنَّ لَهُمْ إِلَّا أَنْ يَكُنَّ مُؤْمِنَات , فَقَالَ عَزَّ ذِكْره : { وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِح الْمُحْصَنَات الْمُؤْمِنَات فَمِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانكُمْ مِنْ فَتَيَاتكُمْ الْمُؤْمِنَات } فَلَمْ يُبَحْ مِنْهُنَّ إِلَّا الْمُؤْمِنَات , فَلَوْ كَانَ مُرَادًا بِقَوْلِهِ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب } الْعَفَائِف , لَدَخَلَ الْعَفَائِف مِنْ إِمَائِهِمْ فِي الْإِبَاحَة , وَخَرَجَ مِنْهَا غَيْر الْعَفَائِف مِنْ حَرَائِرهمْ وَحَرَائِر أَهْل الْإِيمَان . وَقَدْ أَحَلَّ اللَّه لَنَا حَرَائِر الْمُؤْمِنَات , وَإِنْ كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ بِقَوْلِهِ : { وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادكُمْ وَإِمَائِكُمْ } , وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَاد قَوْل مَنْ قَالَ : لَا يَحِلّ نِكَاح مَنْ أَتَى الْفَاحِشَة مِنْ نِسَاء الْمُؤْمِنِينَ وَأَهْل الْكِتَاب لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مَوْضِع غَيْر هَذَا بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع , فَنِكَاح حَرَائِر الْمُسْلِمِينَ وَأَهْل الْكِتَاب حَلَال لِلْمُؤْمِنِينَ , كُنَّ قَدْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ أَوْ لَمْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ , ذِمِّيَّة كَانَتْ أَوْ حَرْبِيَّة , بَعْد أَنْ تَكُون بِمَوْضِعٍ لَا يَخَاف النَّاكِح فِيهِ عَلَى وَلَده أَنْ يُجْبَر عَلَى الْكُفْر , بِظَاهِرِ قَوْل اللَّه جَلَّ وَعَزَّ : { وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } فَأَمَّا قَوْل الَّذِي قَالَ : عَنَى بِذَلِكَ نِسَاء بَنِي إِسْرَائِيل الْكِتَابِيَّات مِنْهُنَّ خَاصَّة , فَقَوْل لَا يُوجِب التَّشَاغُل بِالْبَيَانِ عَنْهُ لِشُذُوذِهِ وَالْخُرُوج عَمَّا عَلَيْهِ عُلَمَاء الْأُمَّة مِنْ تَحْلِيل نِسَاء جَمِيع الْيَهُود وَالنَّصَارَى . وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى فَسَاد قَوْل قَائِل هَذِهِ الْمَقَالَة مِنْ جِهَة الْقِيَاس فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع بِمَا فِيهِ الْكِفَايَة فَكَرِهْنَا إِعَادَته .
إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
يَعْنِي : إِذَا أَعْطَيْتُمْ مَنْ نَكَحْتُمْ مِنْ مُحْصَنَاتكُمْ وَمُحْصَنَاتهمْ أُجُورهنَّ , وَهِيَ مُهُورهنَّ . وَأَمَّا قَوْله : { إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } فَإِنَّ الْأَجْر : الْعِوَض الَّذِي يَبْذُلهُ الزَّوْج لِلْمَرْأَةِ لِلِاسْتِمْتَاعِ بِهَا , وَهُوَ الْمَهْر . كَمَا : 8849 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو صَالِح , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله : { آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورهنَّ } يَعْنِي مُهُورهنَّ .
مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان } يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : أُحِلَّ لَكُمْ الْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات , وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ , وَأَنْتُمْ مُحْصَنُونَ غَيْر مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان . وَيَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مُحْصِنِينَ } أَعِفَّاء ; { غَيْر مُسَافِحِينَ } يَعْنِي : لَا مُعَالِنِينَ بِالسِّفَاحِ بِكُلِّ فَاجِرَة وَهُوَ الْفُجُور ; { وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان } يَقُول : وَلَا مُنْفَرِدِينَ بِبَغِيَّةٍ وَاحِدَة قَدْ خَادَنَهَا وَخَادَنَتْهُ وَاِتَّخَذَهَا لِنَفْسِهِ صَدِيقَة يَفْجُر بِهَا . وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْإِحْصَان وَوُجُوهه وَمَعْنَى السِّفَاح وَالْخِدْن فِي غَيْر هَذَا الْمَوْضِع بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَته فِي هَذَا الْمَوْضِع وَهُوَ كَمَا : 8850 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { مُحْصِنِينَ غَيْر مُسَافِحِينَ } يَعْنِي : يَنْكِحُوهُنَّ بِالْمَهْرِ وَالْبَيِّنَة , { غَيْر مُسَافِحِينَ } مُتَعَالِنِينَ بِالزِّنَا , { وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان } يَعْنِي : يُسِرُّونَ بِالزِّنَا . 8851 - حَدَّثَنَا بِشْر , قَالَ : ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : أَحَلَّ اللَّه لَنَا مُحْصَنَتَيْنِ : مُحْصَنَة مُؤْمِنَة , وَمُحْصَنَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب ; { وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَان } ذَات الْخِدَان : ذَات الْخَلِيل الْوَاحِد . 8852 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا سُوَيْد , قَالَ : أَخْبَرَنَا اِبْن الْمُبَارَك , عَنْ سُلَيْمَان بْن الْمُغِيرَة , عَنْ الْحَسَن , قَالَ : سَأَلَهُ رَجُل : أَيَتَزَوَّجُ الرَّجُل الْمَرْأَة مِنْ أَهْل الْكِتَاب ؟ قَالَ : مَا لَهُ وَلِأَهْلِ الْكِتَاب وَقَدْ أَكْثَرَ اللَّه الْمُسْلِمَات ؟ فَإِنْ كَانَ لَا بُدّ فَاعِلًا , فَلْيَعْمِدْ إِلَيْهَا حَصَانًا غَيْر مُسَافِحَة . قَالَ الرَّجُل : وَمَا الْمُسَافِحَة ؟ قَالَ : هِيَ الَّتِي إِذَا لَمَّحَ الرَّجُل إِلَيْهَا بِعَيْنِهِ اِتَّبَعَتْهُ .
وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ
الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله عَزَّ ذِكْره : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَله } يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } وَمَنْ يَجْحَد مَا أَمَرَ اللَّه بِالتَّصْدِيقِ بِهِ مِنْ تَوْحِيد اللَّه وَنُبُوَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْد اللَّه , وَهُوَ الْإِيمَان الَّذِي قَالَ اللَّه جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَله } يَقُول : فَقَدْ بَطَلَ ثَوَاب عَمَله الَّذِي كَانَ يَعْمَلهُ فِي الدُّنْيَا , يَرْجُو أَنْ يُدْرِك بِهِ مَنْزِلَة عِنْد اللَّه . وَقَدْ ذُكِرَ أَنَّ قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } عُنِيَ بِهِ أَهْل الْكِتَاب , وَأَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْل قَوْم تَحَرَّجُوا نِكَاح نِسَاء أَهْل الْكِتَاب لَمَّا قِيلَ لَهُمْ { أُحِلَّ لَكُمْ الطَّيِّبَات وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ وَطَعَامكُمْ حِلّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَات مِنْ الْمُؤْمِنَات وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب مِنْ قَبْلكُمْ } ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : 8853 - حَدَّثَنَا بِشْر , ثنا يَزِيد , قَالَ : ثنا سَعِيد , عَنْ قَتَادَة , قَالَ : ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَاسًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا : كَيْفَ نَتَزَوَّج نِسَاءَهُمْ - يَعْنِي نِسَاء أَهْل الْكِتَاب - وَهُمْ عَلَى غَيْر دِيننَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ ذِكْره : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَله وَهُوَ فِي الْآخِرَة مِنْ الْخَاسِرِينَ } فَأَحَلَّ اللَّه تَزْوِيجهنَّ عَلَى عِلْم . وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيل الْإِيمَان قَالَ أَهْل التَّأْوِيل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ . 8854 - حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بَشَّار , قَالَ : ثنا مُؤَمَّل , قَالَ ثنا سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ عَطَاء : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَله } قَالَ : بِالْإِيمَانِ بِاللَّه . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أُبَيّ بْن يَمَان , عَنْ وَاصِل , عَنْ عَطَاء : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } قَالَ : الْإِيمَان : التَّوْحِيد . 8855 - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا أَبِي , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } قَالَ : بِاللَّه . * - حَدَّثَنَا اِبْن وَكِيع , قَالَ : ثنا يَحْيَى , عَنْ سُفْيَان , عَنْ اِبْن جُرَيْج , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . * - حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثنا حَكَّام , عَنْ عَنْبَسَة , عَنْ مُحَمَّد بْن عَبْد الرَّحْمَن , عَنْ الْقَاسِم بْن أَبِي بَزَّة , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ , فَقَدْ حَبِطَ عَمَله } قَالَ : مَنْ يَكْفُر بِاللَّه . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } قَالَ : مَنْ يَكْفُر بِاللَّه . * - حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَبُو عَاصِم , قَالَ : ثنا عِيسَى , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } قَالَ : الْكُفْر بِاللَّه . * - حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : ثنا شِبْل , عَنْ اِبْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . 8856 - حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : ثنا عَبْد اللَّه , قَالَ : ثني مُعَاوِيَة , عَنْ عَلِيّ , عَنْ اِبْن عَبَّاس , قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَله } قَالَ : أَخْبَرَ اللَّه سُبْحَانه أَنَّ الْإِيمَان هُوَ الْعُرْوَة الْوُثْقَى , وَأَنَّهُ لَا يَقْبَل عَمَلًا إِلَّا بِهِ , وَلَا يُحَرِّم الْجَنَّة إِلَّا عَلَى مَنْ تَرَكَهُ . فَإِنْ قَالَ لَنَا قَائِل : وَمَا وَجْه تَأْوِيل مَنْ وَجَّهَ قَوْله : { وَمَنْ يَكْفُر بِالْإِيمَانِ } إِلَى مَعْنَى : وَمَنْ يَكْفُر بِاللَّه ؟ قِيلَ وَجْه تَأْوِيله ذَلِكَ كَذَلِكَ أَنَّ الْإِيمَان هُوَ التَّصْدِيق بِاَللَّهِ وَبِرُسُلِهِ وَمَا ابْتَعَثَهُمْ بِهِ مِنْ دِينه ; وَالْكُفْر : جُحُود ذَلِكَ . قَالُوا : فَمَعْنَى الْكُفْر بِالْإِيمَانِ , هُوَ جُحُود اللَّه وَجُحُود تَوْحِيده . فَفَسَّرُوا مَعْنَى الْكَلِمَة بِمَا أُرِيدَ بِهَا , وَأَعْرَضُوا عَنْ تَفْسِير الْكَلِمَة عَلَى حَقِيقَة أَلْفَاظهَا وَظَاهِرهَا فِي التِّلَاوَة . فَإِنْ قَالَ قَائِل : فَمَا تَأْوِيلهَا عَلَى ظَاهِرهَا وَحَقِيقَة أَلْفَاظهَا ؟ قِيلَ : تَأْوِيلهَا : وَمَنْ يَأْبَ الْإِيمَان بِاللَّه وَيَمْتَنِع مِنْ تَوْحِيده وَالطَّاعَة لَهُ فِيمَا أَمَرَهُ بِهِ وَنَهَاهُ عَنْهُ , فَقَدْ حَبِطَ عَمَله ; وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفْر هُوَ الْجُحُود فِي كَلَام الْعَرَب , وَالْإِيمَان : التَّصْدِيق وَالْإِقْرَار , وَمَنْ أَبَى التَّصْدِيق بِتَوْحِيدِ اللَّه وَالْإِقْرَار بِهِ فَهُوَ مِنْ الْكَافِرِينَ , فَذَلِكَ تَأْوِيل الْكَلَام عَلَى وَجْهه .
وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
يَقُول : وَهُوَ فِي الْآخِرَة مِنْ الْهَالِكِينَ الَّذِينَ غَبَنُوا أَنْفُسهمْ حُظُوظهَا مِنْ ثَوَاب اللَّه بِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَعَمَلهمْ بِغَيْرِ طَاعَة اللَّه .